في محاضرته المرتجلة أمام الأئمة والدعاة بجمهورية تشاد في قاعة المؤتمرات بمقر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في أنجمينا العاصمة التشادية (جامع الملك فيصل) صباح يوم الخميس 27/6/2002م.، اختار فضيلة العلامة الشيخ الشريف إبراهيم صالح الحسيني، المرشد العام لجمعية النهضة الإسلامية العالمية، ورئيس المجلس الإسلامي اليجيري، "الإمامة وأسلوب الدعوة إلى الله" موضوعا للمحاضرة. ونحن نحاول في هذا المجال اقتباس بعض النقاط التي وردت فيها.
من هو الإمام وما هي مسئولياته؟
بدأ الشيخ في خطبته بتعريف الإمام، ومن المراد به، فقال فضيلته؛ "الإمام قد يكون إماما للأمة في شكل سلطان، أو ملك أو رئيس، أو قائد أعلى، والإمام يجوز أن يكون إمام قوم يقودهم ويسودهم ويوجههم إلى ما فيه المصلحة العامة. والإمام يكون إماما لأهم شئ ، أو في أهم شئ في حياة المسلمين، وهو إمام الصلاة. والصلوات إما اليومية الخمس، وإما الجمعة". ثم تطرق الشيخ إلى ذكر مسئوليات الإمام قائلا: "إن مهمة الإمام مسئولية كبيرة، فأنتم أئمة الجمعة، وأئمة الأعياد -أئمة المسلمين- عليكم واجب كبير. هذا الواجب يتمثل في نصحكم لمن تقودونهم، وصدقكم في تعاملكم معهم ومع ربكم، وصدقكم أيضا مع أنفسكم. والصدق مع النفس هو ما نسميه بالثقة في النفس، لأن الإنسان إذا لم يثق في نفسه لا يستطيع أبدا أن يصل إلى أهدافه، فقبل أن يثق الناس فيك يجب أن تثق في نفسك يجب أن تتأكد من أن الموضع الذي تضع فيه قدميك موضع ثابت ليس فيه أذى، وليس فيه ضرر، لا في الدنيا ولا في الآخرة".
أسلوب الدعوة إلى الله
هذا وقد تابع الشيخ محاضرته شارحا أساليب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى فقال حضرته "أرسل الله إلينا نبيه وحبيبه وصفيه من خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أهنئكم وأهنئ نفسي والأمة الإسلامية جمعاء بمولده الشريف أرسله إلينا بالهدى ودين الحق ليظهر هذا الدين، وليظهر الهدى على الدين كله. هذا الدين أساسه كتاب الله ، القرءان الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. هناك أمور في القرءان تركها الله تبارك وتعالى مجملة ليبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك أمور تولى تبيينها. فمن بين تلك الأمور التي تولى الله تبارك وتعالى وضع خطتها ، ووضع أساسها، ووضع آدابها ولمساتها الوعظ والإرشاد. لم يترك الله الوعظ والإرشاد لنا لنصنفه ونضعه على ما نهوى، ولكنه وضع أسسه وشروطه بنفسه فقال جل من قائل: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) النحل: 125".
ويشرح فضيله الآية السابقة بقوله: "أول هذه الآية فيه بيان صفة الوعظ، صفة هذا الوعظ يجب أن يكون أساسا دعوة إلى الله ليس الأساس في الدعوة النجاح ولا الوصول إلى منزلة ولا إلى سيادة على الناس ولا التكبر ولا التفاخر، وإنما دعوة إلى توحيد ربه. الدعوة إلى الله، إلى الإسلام، إلى لا إله إلا الله، إلى التوحيد، إلى معرفة الله. الدعوة إلى عبادة الله التي يخلص فيها الإنسان لكونها مشروعة، ولكونها واقعة لله تبارك وتعالى. الدعوة إلى الله تبارك تعالى بهدف إخراج الناس من الظلمات إلى النور كما قال الله تبارك وتعالى
الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة: 257. الله يقول
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة) والحكمة هنا أن يكون المدعو إليه الله، والمدعو به هو الحجة والبرهان والدليل القاطع الذي يتفق مع اختيارات أو خيارات العقل، والخيارات التي يقبلها الإسلام، وتتقبلها دعوته السمحاء. (الحكمة والموعظة الحسنة)، الموعظة الحسنة هي الدعوة المبنية على الترغيب والترهيب على أساس توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم حين تدعوا الناس يجب عليك أن لا تعتبر نفسك أنك أفضل ممن تحت المنبر، يجب عليك أن ترى نفسك أنك أدنى أدنى واحد ممن تحت المنبر، وأكبر مبتلى فيهم لأنك على المنبر، وأنت على المنبر تطلب من الله السلامة، تطلب من الله تبارك وتعالى الحفظ، تطلب من الله تبارك وتعالى أن لا تطغى، وأن لا تتعدى حدك، وأن لا تتكبر، وأن لا تتعرض لسخط الله وغضبه. هذه هي الوتيرة التي يتم عليها الوعظ بالحكمة، أو الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وإذا عرضت مسائل اختلاف وجهات النظر، وحدث ما يسمى بالجدال، أي بالنقاش حول استيضاح الحق وإظهاره فلا تطغى في جدالك، ولا تكن جبارا، بل ولا تكن فاجرا، ولا متعديا على أخيك في جدلك. لذلك يختم الله الآية بمعنى دقيق لو تأملناه لعرفنا الحكمة في هذا.( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله) المعنى الظاهر، الله أعلم بالضالين. والمعنى الحقيقي الله أعلم بمن يموت على الضلال، وهو أعلم بالمهتدين. ( وهو أعلم بالمهتدين) الظاهر الله أعلم بالمهتدين المسلمين المؤمنين، ولكن الحقيقة هو أعلم بمن يموت على الهدى. فإذا كنت حيا لم تمت بعد، مستقبلك غيب ، وغيبك مستور عنك، فما عليك إلا أن تتواضع لعلام الغيوب، الرب جل جلاله ليحفظك ويحميك.هذا هو المطلوب. ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن،إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)1".
نصائح الشيخ إلى الأئمة:
1) الصبر على أذى الأعداء:
لا يخلو الإنسان في الحياة من أعداء كما قال ابن الوردي:-
( ليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس جبل).
لا يخلو من ضد ، ولذلك قد يقع عليك تعد من شخص أو عدوان من آخر(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)2. هنا الله يضعك أمام عقلك وفهمك وإدراكك واختيارك. كيف تزن؟ واحد عاقبك، لكنه يقول لك عاقبه بمثل ما عاقبك به. هذه المثلية كيف تتحقق منها أنت في الدنيا؟ لا يتحقق من هذه المثلية إلا العلام الخبير، العلام الخبير العليم الحكيم، اللطيف الخبير. هو الذي يعلم المثلية الحقيقية . إذن يأتي الجواب. الله تبارك وتعالى يقول : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) والحقيقة هي ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)3، ( واصبر وما صبرك إلا بالله )4، (ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)5.
من هنا نعلم أن الإمام عليه ثقل كبير في الدعوة.يجب على الإمام أن يترفق بأهل دائرته، وأن يتعرف على الأمراض الموجودة في مجتمعه، ويعالج هذه الأمراض بدواء النبوة والرسالة في القرءان الكريم عن طريق الدعوة إلى ما قلنا. الله تبارك وتعالى حين بعث موسى وهارون إلى فرعون قال: ( وقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)6. هذا فرعون وهو أكبر الكافرين أمر بأن يعامل بلطف. وكل من تعظهم من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهم أقل نقصا، أو عيبا، أو جرما من فرعون. من هنا يجب عليك أن تلين لهم الجانب، وأن تتعاطف معهم ، وأن تعاملهم المعاملة الحسنة في دعوتك إليهم.
2) معاملة الناس بالمساواة:
إن وظيفة الإمامة هي وظيفة عظيمة، و-كما قلت فيها- أن الله تبارك وتعالى أوضح معالمها، لأن الإمامة دعوة. الخطيب يدعو إلى الله . يدعو بخطبته يوم الجمعة، ويدعو بخطبته أمام الإخوة ومجالس الأهالي في أماكن أخرى في غير يوم الجمعة. لكن يجب عليك - كما قلت- في حال دعوتك أن تنظر إلى آخر الآية: ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله) بالمعنى الثاني وهو أعلم بمن يموت على الضلال. مفهوم الكلام هذا أنه يعلم من ضل عن سبيله أي بمن يموت على الضلال من سبيل الله، وهو أعلم بالمهتدين، وهو أعلم بعاقبة من يموت على الهدى. فإذا كان الأمر كذلك لابد أن تتعامل مع الناس جميعا بمساواة. الله تبارك وتعالى لم يجعل في الإسلام طبقات. الطبقات التي نقولها هي طبقات مسموح بها لقوم ومحرمة على آخرين.هذه الصفة غير موجودة في الإسلام. باب الولاية مفتوح لكل تقي ومؤمن ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) يونس: 62 .كل مسلم مرشح لأن يكون من أولياء الله، بل هم من باب الولاية العظمى هم كلهم أولياء الله. : ( إن ولي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) يونس: 63 ( الله ولي الذين آمنوا) البقرة: 257. من هنا نجد أن ولاية الله في أدنى درجاتها صادقة وواقعة على كل من قال لا إله إلا الله، محمد رسول الله. وإذا أردت أن تنميها، وإذا أردت أن تطورها، وإذا أردت أن تأخذ نفسك بما أخذ به الصادقون والصد يقون أنفسهم فهذا مباح ومسموح لك به. من هنا قلنا أن باب الولاية مفتوح لكل أحد، باب الهداية مفتوح لكل إنسان. فكل من قال لا إله إلا الله أبواب الجنة مفتوحة له، وهو مرشح لدخول الجنة. وكل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله أبواب الولاية مفتوحة له، ومرشح ليكون وليا كبيرا من أولياء الله تبارك وتعالى. ليس الإسلام فيه طبقية ، وليس فيه مثلا مراتب تخص قوما دون آخرين . الله يقول : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )الحجرات:13. إذن الأكرم الأتقى هو ذلك العبد الصالح الذي اعتنى بقلبه ، وقيد نفسه حارسا على قلبه حتى لا يدخل في قلبه ما لا يرضي ربه، وهكذا حارسا على أعضائه حتى لا يتكلم لسانه بما لا يرضي ربه، وهكذا جوارحه كلها على ما تطابق قول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها).
3) الترفع عن الجدل والمراء، والتخلق بالخلق الحسن:
إسلامنا، ويكفينا فيه أن ندرك أن دين الإسلام قام على المحبة، ودين الإسلام قام على الخلق الإسلامي الرفيع. والدين الإسلامي قام على تجنب النزاعات ، ويكفي في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك المراء وهو محق بني له بيت في ربض الجنة). من ترك الكلام وهو صادق بنى الله له بيتا في وسطها ، ومن حسن خلقه بنى الله له بيتا في أعلى الجنة). هذه إحدى روايات هذا الحديث المتعددة. فحسن الخلق يجب أن نهتم به. حسن الخلق من أعظم الأمور التي بعث الله بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويكفي فيه هذا الحديث المنقول الذي يقول فيه: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أو لأكمل مكارم الأخلاق). فرسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالدين ، جاء بالعقيدة ، جاء بالأعمال الصالحة ، وجاء بالصفات النبيلة. المسلم عليه أن يكون مسلما في نفسه، مسلما في قوله، مسلما في فعله، مسلما في قلبه، وأن يكون حسن الأخلاق هينا لينا يؤلف ويؤلف، ويجمع ولا يفرق، ويقرب ولا يبعد. يكفينا دليلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه أحد أصحابه ممن عرف بسوء خلقه، وبسوء سلوكه وقال بئس أخو العشيرة، ولما دخل عليه انبسط معه وجلس وتكلم وتحدث وضحك. قالوا له يا رسول الله : قالت له عائشة يا رسول الله قلت في الرجل حين وصل هذا الكلام ، ثم ما لبست أن انبسطت معه وضحكت. قال: يا عائشة إن من شر الناس من اتقاه الناس من شره......... يجب أن يكون الإنسان حسن المعاملة.الإمام يجب عليه أن يكون إماما فيما يقوله للناس. الإمام يجب أن يكون أمام، الإمام يجب أن يكون أمام الناس في تحقيق وتنفيذ ما يدعو إليه ليخرج من قول الله تبارك وتعالى
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب)1.
4) التمسك بالوحدة:
" .. نحن اليوم في أشد الحاجة إلى وحدة الصف. نحن اليوم في أشد الحاجة لفهم إسلامي رفيع، نحن اليوم في أشد الحاجة إلى تعاون وتماسك وتعاضد إسلامي يقوي أمتنا. أمتنا اليوم عاجزة، أمتنا الإسلامية اليوم عاجزة عن أن تحمي نفسها، عاجزة عن أن تتخذ أي قرار في صالحها ، أمتنا الإسلامية عاجزة في مجلس الأمن ، عاجزة هذه الأمة في كل المحافل الدولية ، عاجزة عن اتخاذ أي قرار، ولا تستطيع أن تقول شيئا فتنفذه. لماذا كل ذلك؟ لأننا عشنا في الاختلافات، ولعل بعض الناس في هذه الأمة لا يحلو لهم إلا أن يروا أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من سمة على نفسها، بعضها يكفر بعض، وبعضها يطعن في بعض. عاش الأئمة السابقون طوال حياتهم لم ينتشر فيهم هذا الداء، ولم يستفحل فيهم هذا المرض. مجال العقيدة كانوا قد أتقنوه، مجال العمل كل واحد فيهم مسابق يريد أن يكون هو أسبق السابقين. مجال الأخلاق كل واحد فيهم هو مضرب الأمثال. إذن نريد منكم أن تكونوا أروع مثل يضرب للأمة الإسلامية في هذا العصر. لا نملك إلا سلاح الوحدة، لا نملك إلا سلاح الفهم الصحيح للإسلام، لا نملك إلا إحياء دعامة المحبة. قلنا إن الإسلام دين محبة ،ودين وئام . تحب الله، وتحب رسول الله، وتحب المؤمنين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ذاق حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن يحب المرء لا يحبه إلا لله). ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أحب لجارك ما تحب لنفسك تكن مؤمنا ، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما). إذن الإسلام والإيمان كل ذلك مرتبط بمحبتك لله، وبمحبتك للناس، وبتجنيبك جارك لبوائق نفسك كما قال الرسول أيضا في حديث آخر،( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).
من هنا أيها الإخوة ندعوكم لنكون جميعا أئمة هدى ، لنكون أئمة يدعون إلى الخير ، أئمة يدعون إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، على أساس قول الله تبارك و تعالى ( بالحكمة والموعظة الحسنة) ، وإذا اختلفت وجهات نظرنا في قضية من القضايا هناك جواب: ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)1. هذه هي توجيهات القرءان ، وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو منهج الصالحين . وفي كل زمان لابد أن تكون هناك فتن بقدر إيمان أهل ذلك الزمان. ولعل الفتن التي نعيشها نحن اليوم هي ضخمة في صورتها كعادتنا حتى الصوت نضخمهن نضخمه بالآلات المكبرة هذه، وحتى المعلومات نسرع في نشرها عن طريق الفضائيات، وعن طريق الانترنيت، وعن طريق كذا وكذا، كل هذا صحيح. ولعل ما عاشه سلفنا الصالح من البلاء والأذى في سبيل هذه الدعوة أعظم وأكبر. فبقدر إيمانهم ورسوخهم في العقيدة تكون ابتلاءات الله لهم في ذلك الزمان. ونحن أيضا بحسب ما نتعرض لمثل هذه البلايا ، ونعرض لهذه المحن . ولكن يجب أن نواجهها بالصبر والصمود. هناك الله تبارك وتعالى يقول: ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واصبروا إن الله مع الصابرين)2. الله تبارك وتعالى بعونه وتوفيقه ونصرته مع الصابرين . فلنصبر حتى نصل إلى تحقيق هذه الأهداف، ويجب أن لا تكون نظرة الإمام الداعية نظرة محلية، يجب عليك أن تنظر إلى الأمة الإسلامية ككل. الذي تخطب به في أنجمينا يجب أن يكون موجها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من مشرقها إلى مغربها . لأنك تتلو في تلك الخطبة قرآنا ، وتتلوا في تلك الخطبة أحاديث نبوية، وتقرأ فيها حكما صالحة، فإذا كان الأمر كذلك فهو زاد موجه، وذخر موجه للأمة كلها . فليكن اهتمامك اهتمام بالمسلمين جميعا في كل مكان، فلتعش معهم، عش همومهم، عش مشاكلهم، عش ما يعانون منه.هناك من إخوانك المسلمين اليوم يعانون مما لا قبل لهم به من ضرر وأذى يأتيهم من قوى الكفر والبغي التي سلطها الله عليهم، فما عليك إلا أن تسعفهم بالدعاء. فإن كنت لا تقدر على شئ ، فتوجه إلى الله في ساعة صفاء في جوف الليل ، في وقت تخلو فيه مع نفسك ، في وقت تخلو فيه مع ربك، توجه إلى الله تبارك وتعالى ، واطلب لهم منه السلامة، واطلب لهم منه النصرة والنجدة والإغاثة. هذا هو المطلوب منك في هذا العصر ، وإلا فإخواننا في عذاب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم). فلنهتم بأمر المسلمين، ولنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر مقيدين ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة على تطبيق قول الله تبارك وتعالى: ( قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن وما أنا من المشركين)1.