هل يجوز المسح على الشراب قياسا على الخف؟

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

حكم المسح على الخفين الجواز. وقد ثبت المسح على الخفين عن رسول الله (ص) في كثير من السنن المأثورة، ففي حديث جرير بن عبد الله البجلى، وهو من آخر الصحابة إسلاما، قال أنه رأى رسول الله (ص) يفعل ذلك. فقد جاء أن جريرا بال ثم توضأ ومسح على خفيه. فقيل له: تفعل هكذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله (ص) بال ثم توضأ ومسح على خفيه. قال إبراهيم: وكان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. والحديث أخرجه أحمد والبخارى ومسلم .

ولا شك أن هناك عدداً من الصحابة رووا المسح على الخفين، فعن عبد الله بن عمر أن سعدا حدثه عن رسول الله (ص) "أنه مسح على الخفين" وأن ابن عمر سأل عن ذلك عمر والده، فقال نعم إذا حدثك سعد عن النبي (ص) شيئا فلا تسأل عنه غيره .والحديث رواه أحمد والبخارى. وهناك أحاديث أخرى، ولم يختلف الناس اختلافا كبيرا حول المسح على الخفين. ومثل الخفين الجوربين والنعلين كل ذلك يجوز المسح عليه .

وأما المسح على الشراب فأمر لم يؤثر عن سلف الأمة، وأيضا أن ما أبيح المسح عليه من الخفين أو الجوربين هو ما يقي عن الحر و البرد و يمكن تتابع المشي فيه و يستخدم كحذاء مستقل، ولذلك جاز المسح عليه والشراب لا يقي من ذلك إطلاقا، وبسبب ذلك فاجتهاد إلحاق الشراب بالخف أو الجورب أو النعلين اجتهاد غير صحيح لأنه قياس فقد شرطه وفقد علته، فإلحاق فرع بحكم أصل يتوقف على إشتراك الفرع و الأصل في علة واحدة هي مناط الحكم، ولا يوجد ذلك بالنسبة للشراب. ولا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الموضوع لما ثبت عن رسول الله (ص) في حديث " ويل للأعقاب من النار". فقد ورد عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف عنا رسول الله (ص) في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا. قال: فنادى بأعلى صوته: " ويل للأعقاب من النار" مرتين أو ثلاثا. والحديث أخرجه الإمام أحمد والبخاري ومسلم .

وفي حديث آخر عن أبي هريرة (ض) أن رسول الله (ص) رأى رجلا لم يغسل عقبه فقال: ويل للأعقاب من النار. وهو عند مسلم . وعن عبد الله بن الحارث قال سمعت رسول الله (ص) يقول: ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار" وهو حديث رواه أحمد في المسند ورواه الإمام الدار قطني في السنن .

وفي حديث آخر عن جابر بن عبد الله (ض) قال: رأى رسول الله (ص) قوما توضئوا ولم يمس أعقابهم الماء فقال : ويل للأعقاب من النار. وهو عند الإمام أحمد .

وكذلك حديث جرير بن حازم عن قتادة عن أنس بن مالك أن رجلا جاء رسول الله (ص) وقد توضأ وترك على ظهر قدمه مثل موضع الظفر، فقال له النبي (ص): "ارجع فأحسن وضوءك". والحديث عند الإمام أحمد وأبى داوود والدار قطني، وقال الإمام الدار قطني فى السنن تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة .

والحديث له مصادر أخرى معروفة، فقد رواه ابن ماجه وأبي يعلى وابن خزيمة والبيهقي وغيره. وهو حديث صحيح.

وبالنظر إلى كل هذه الأحاديث المشددة في غسل القدم أو غسل الرجلين يجب أن يحتاط المسلم لدينه ويحتاط ليوم قيامه بين يدي رب العالمين يوم يقوم الناس لرب العاملين.